السلف والحرص على الوقت
قال الحسن البصري رحمه الله: يابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك.
وقال أيضًا: يابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه؛ فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك.
وقال: الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غدًا فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه.
وقال السَّرِيُّ بن المُغَلِّس رحمه الله: إن اغتممت بما ينقص من مالك، فابكِ على ما ينقص من عمرك.
قال عمر بن عبدالعزيز : إن الليل والنهــار يعملان فيك فاعمــل فيهمــا
وقال السحن البصري : يا ابن آدم ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم تزود مني
فإني إذا مضيت لا أعــــــود
قيل ل عمر بن عبدالعزيز يوماً : - " أخّر هذا العمل إلى الغد " ، فقال :" ويحكم ؛ إنه يعجزني عمل يوم واحد ، فكيف أصنع إذا اجتمع على عمل يومين ؟ " ومن أقواله : " إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما " .
قال داود الطائي : " إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة ، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تقدّم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل ؛ فإن انقطاع السفر عن قريب هو ، والأمر أعجل من ذلك ، فتزود لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك " .
وقال أحد الصالحين لتلاميذه: " إذا خرجتم من المسجد فتفرّقوا لتقرؤوا القرآن، وتسبّحوا الله، فإنكم إذا اجتمعتم في الطريق ، تكلمتم وضاعت أوقاتكم ".
وعن قال موسى بن إسماعيل قال : " كان حماد بن سلمة مشغولا وقته كله ، إما أن يحدث أو يقرأ ، أو يسبح أو يصلي ، قد قسم النهار على ذلك ".
ذكر علماء التراجم في سيرة الجنيد بن محمد ، أنه حين أتته سكرات الموت ، أخذ يقرأ القرآن ، فأتى الناس - قرابته وجيرانه- يحدّثونه وهو في مرض الموت ، فسكت وما حدثهم ، واستمر في قراءته ، فقال له ابنه : " يا أبتاه! أفي هذه الساعة تقرأ القرآن؟! " . فقال : " ومن أحوج الناس مني بالعمل الصالح؟ ، فأخذ يقرأ ويقرأ حتى قُبضت روحه .
كان معروف الكرخي يعتمر ، فأتى من يقص شارب معروف الكرخي ، فحلق رأسه ، ثم قال للقصاص: " خذ من شاربي "، فأخذ معروف يسبح الله ، فقال له القصاص: " أنا أقص شفتك ، اسكت " ، قال: " أنت تعمل، وأنا أعمل "، وذكروا عنه أنه ما رئي إلا متمتماً بذكر الله، ويقولون : كان إذا نام عند أهله سبّح ، فلا يستطيعون النوم .
وعن ابن عساكر قال : " كان الإمام سليم بن أيوب لا يدع وقتا يمضي بغير فائدة ، إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ ، وكان إذا أراد أن يعدّ القلم للكتابة حرّك شفتيه بالذكر حتى ينتهي من ذلك " .
قال الإمام ابن عقيل : " إني لا يحل لي أن أضيّع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا على الفراش ، فلا أنهض إلا وخطر لي ما أسطره . وإني لأجد من حرص على العلم وأنا في الثمانين من عمري أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة ، وأنا أقصّر بغاية جهدي أوقات أكلي ، حتى أختار سفّ الكعك وتحسّيه بالماء على الخبز ، لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ ، وإن أجلّ تحصيل عند العقلاء – بإجماع العلماء – هو الوقت ، فهو غنيمة تنتهز فيها الفرص ، فالتكاليف كثيرة ، والأوقات خاطفة " .
وقال الإمام ابن القيم : "إضاعة الوقت أشد من الموت ؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها" .
وقال أيضا : يا ابن آدم إنمــا أنت أيام مجمــوعــة كلما ذهب يوم ذهب بعضك
وقال شعبة بالحجاج : لاتقعــــدوا فارغيـــن فإن الموت يطلبكـــم
وقال الحسن أيضا : الدنيـــا ثلاثــة أيـــام : أما أمس فقد ذهـــــب بما فيه ، وأما غدا فلعلك لاتدركـــه
وأما اليوم فلك فاعمــــل فيه
قال ابن مسعـــود : ما ندمــت على شيء ندمي على يوم غربت شمســه نقص فيه أجلي ولم
يـــزد فيه عمــلي
وقال بعض السلف لأصحابــه : إذا خرجتــم من عنــدي فتفــرقـــوا لعل أحدكــم يقرأ القرآن
ومتى اجتمعتــم تحدثتــــم
وقالت رابعة العدوية لسفيان : إنمــا أنت أيام معدودة ، فإذا ذهــب يوم ذهب بعضك ، وإذا
ذهب البعــض ذهـــب الكــل
وقال بعض السلف : إن الموتى لم يبكــــوا من الموت ، ولكنهــم يبكون حسرة الفـــوت ،
فاتــتــهـم والله دار لم يتزودوا منهــا ، ودخلوا داراً لم يتزودوا لهــا
لا تنسوني من صالح دعائكم